لبنان بين ماضيه وحاضره لا يُتقن إلا لغة الإتهامات والشتائم والتصنيف بين شريفٍ وخائنٍ وعميلٍ..وبقي الإنقسام الداخلي بين الجبهتين حتى وصل هذا التصنيف بعد مقتل رئيس حكومة لبنان رفيق الحريري بين شباطه وآذاره...كما يشاع في المثل الشعبي " شباط لبَّاط.. وآذار جهز خشباتك الكبار"....هنا إندمج رجال الشباطيين مع رجال الآذاريين ، فأصبحت التسمية جبهتي آذار 8/ 14... وبقي التصنيف بين الجبهتين بين جبهةٍ وطنيةٍ وأخرى عميلة...والشعب الشباطي والآذاري بين لبَّاطه ورعده وبين خشبه وبرقه ..فاتهموا بعضكم يا خصوم لبنان وشعبه واشتموا ما شئتم وتفنَّنوا في النيل من كرامته ما أردتم ، فلا معنى لكل شتائمكم إلا أنكم آلةٌ عمياء صمَّاءٌ في يد السياسة الخارجية  ، وتتولَّون بالنيابة عنها زحزحة العقبات التي تعترض طريقها ، وتعرقل مساعيها ، وبينهما تدخل فتاوى فقهاء الموت والظلام تحت الدفاع عن الدين والوطن لتسريع مآربها بالنيل والقتل لبعضنا البعض....وما زلتم تحلفون بالله جهد أيمانكم أنكم وطنيون تريدون خلاص لبنان وشعبه، وأنكم مخلصون لدولة القانون والمؤسسات...وتدَّعون أنكم ما خلقكم الله بين أرضه وسمائه أطهر قلباً ولا أنقى سريرة ولا أنبل مقصداً إلا لهذه الغايات الشريفة والأهداف السامية والنبيلة...ولا تريدون وتعقلون إلا الخير والمحبة والحياة الشريفة والكريمة لشعب لبنان وكرامته..لكنكم تعلمون أنَّ هناء لبنان وسعادة أبنائه هي بمغن عنكم وعن سياستكم لأنها لا تغنيه بشيء ما دام آذاركم حمَّال حطب وفي جيدكم حبالٌ من مسد ، لأن الوطني لا يحارب الوطني في وطنه ولا يبتغي له المكائد والغوائل ولا ينصب شراكه وحبائله لهدمه وقتله وإسقاطه..وهذا ما ترجمته لغتكم العربية ولهجاتكم الشعبية " حذائي أشرف منك ومن لحيتك ، طهِّر نيعك ، تراب نعل القائد أنبل منك ومن جماعتك "...أما زلتم تدَّعون بالوطنية وتريدون لشعبكم الكرامة..هبونا كزعمكم أننا شعبٌ سُذجٌ في عقولنا وأحلامنا ، فماذا عن عقولكم وأحلامكم ووطنيتكم ، فشعبكم الطائش يعرف أهدافكم وميولكم وسياستكم والجهة التي تنتمون إليها في شؤون نفوذكم وسيطرتكم، ويعرف تلك الجهات التي تريدها تلك السياسات الخارجية والإقليمية التي تستعين على تحقيق أهدافها وأغراضها ومآربها فكيف تطمعون في أن يتخذكم شعب لبنان زعماء وقادة ومسؤولين عنه وعن مصيره في سياسته وإقتصاده ، ولا تشتركون معه في همِّه وغمِّه وشعوره وإحساسه بلا كهرباء بلا ماء بلا تأمين الدواء والأقساط والطبابة وما زال يعيش في تلك القرى في أكواخ الموت والشهادة..يا شهر آذار لا خير في نعمة يكدِّرها الذُّل ، وبُعداً لماءٍ لا يشربه شاربه إلا ممزوجاً بدمٍ ..شعبك يا آذار لبنان يؤمن بربِّ السماء وعنايتها الإلهية التي تضمُّ بأجنحتها ضعف الضعيف وأنين الجائع وبؤس البائس ومظلمة المظلوم " وما كان ربك بظلاَّمٍ للعبيد"..

الشيخ عباس حايك