لم يكن وقوف بشار الأسد بالأمس في احدى قاعات قصر المهاجرين بعد ان دعا اعضاء ما يسمى مجلس الشعب السوري اليها، وتاديته للقسم الدستوري في حفلة كوميدية بدأت بسيره " الواثق " على السجادة الحمراء مستعرضا متبخترا حتى اذا ما وصل المدخل فتحت أبوابها وعلا التصفيق الحار ( دور المجلس الوحيد )امرا مستهجنا ، فهذا المشهد وبقدر ما هو مضحك الا انه يعبر بشكل صارخ عن ما يحمله هذا الرجل ومن يقفون خلفه ومعه من خفة واستهترار ولا مبالاة بقيمة الانسان العربي وبقيمة الدم العربي،

فلو ان شخصا حضر للتو من أي كوكب اخر، وشاهد مسرحية بشار هذه بتفاصيلها ، فمن سابع المستحيلات ان يظن للحظة واحدة بان هذه المشاهد انما تعرض في بلد أبناؤه يقتلون على طول البلاد وعرضها بالبراميل وكل أنواع الأسلحة ، وخارج البلاد يعيشون في اقصى ظروف التهجير واللجوء والمآسي،

وحتى لا نؤخذ بالكلام السياسي فقط فلو ان هذا القادم من الكوكب الاخر، تسنى له القيام بجولة ميدانية في ارجاء سوريا بعد انتهاء مشاهدته لهذه المسرحية، ورأى ما يجري على ارض الواقع ومن ثم طلبنا منه ابداء رأيه بهذا الرئيس وهذا النظام، فبلا شك ولا ريب سيقول لنا : كيف يبقى في سوريا من يفسد فيها ويسفك الدماء؟ هذا ليس رئيسا بل هو تاجر دم،

لانه وكما قلنا فبغض النظر عن الموقف المسبق من مجريات الاحداث في سوريا ، وان كان الصواب مع النظام او مع الثورة ، بل واكثر من ذلك فلو فرضنا بان كل هذا الدمار الحاصل في سوريا هو نتيجة لكارثة طبيعية وان زلزالا قد أصابها واودى بحياة  بكل هؤلاء القتلى المقدر عددهم بمئات الالاف ، ولو فرضنا جدلا أيضا بان هذا الزلزال قد توقف وانتهت ارتداراته واستقرت البلاد ولم يعد يسقط قتلى وتدمر مدن، ولو فرضنا جدلا أيضا وأيضا بان بشار الأسد هذا فعلا قد انتخب رئيسا للبلاد بشكل ديمقراطي وليس تحت تهديد الحديد والنار

فلو افترضنا كل هذا وذاك ، فان ادنى الإحساس الإنساني، واقل مستوى المشاعر البشرية ، واضعف مقدمات المنطق العقلاني السليم يفرض على هذا الرئيس ان كان يعيش منسجما مع محيطه بان يطل على شعبه وهو يحمل على كتفيه جبال من الهم، ويؤرقه أطنان من المسؤوليات ، ومن عينيه تشاهد بحور من الاحزان على أطفال يقتلون كل يوم ، ويثقل كاهله عبء التطلع الى المستقبل هذه المعالم ترسم تلقائيا ولكن كما ذكرنا مع أي رئيس منسجم مع واقعه ،،، فهذه الاحاسيس والمشاعر كدنا نتلمسها من رؤساء لبلدان قد خسرت فرقهم الرياضية في المونديال ليس اكثر، فيما ان بشار وفريقه لا يعنيهم كل الذي يجري طالما انهم لم يخسروا هم، ولا يزالون يطمحون هم بالفوز بكأس العالم, ولا هم ان كان من ذهب او من دم ،، فان للعالم موندياله وكأسه،  وللاسد وفريقه مونديال افتراضي اخر وكأس اخر يفوزون به دائما، فاذا ما كانت كوريا الشمالية قد أعلنت تأهلها الى النهائيات، فلا غرابة من رئيس منسلخ الى هذه الدرجة عن الواقع كبشار الأسد بان يعلن التلفزيون الرسمي في نظامه ولو بعد حين حتى، بان سوريا بقيادة السيد الرئيس قد فازت بكأس العالم .